الثلاثاء 9:30 صباحا ..
تمطى و استيقظ من النوم على خلفية رنين المنبه المزعج مع صداع غريب ..
جلس على السرير لبرهة وقام إلى المطبخ دون أن يلاحظ وجود حقنة طبية فارغة مرمية على الأرض
شرب قهوته المعتادة وغادر إلى مختبره بكل حماس
فاليوم موعد التجربة الكبيرة التي عمل عليها طوال السنوات الماضية .. سوف يسافر عبر الزمن
وسوف يغير الماضي .. وقد إخثار مهمته بدقة .. سوف يسافر إلى الماضي وسوف يقوم باغتيال طاغية عصره الذي قتل الآلاف من الأبرياء.
الثلاثاء 11:00 صباحا
وقف يتلفت حوله في المختبر وحيدا .. لقد قام بكل التحضيرات من ملابس مناسبة لذالك العصر وأمسك بالخريطة القديمة وبدأ يتأكد من حفظه لتفاصيلها فهي تصور مكان سكن ذالك الطاغية قبل وصوله للسلطة .. لقد انتقى الوقت والمكان المناسبين بدقة .. فذالك الطاغية كان يعيش وحيدا وسيباغته وهو نائم .
بدء التجربة وأخذ معه جهاز التحكم ومسدس مع كاتم للصوت ورصاصة واحدة حتى ينهي مهمته بشكل نظيف وسريع .
الماضي : الخميس 3:30 صباحا ..
يدخل إلى الحي الذي يقطنه ذالك الطاغية فيطارده شخص ملثم أعرج يمسك أنبوب معدني ويفلت منه بعد تعثر المطارد المجهول .
الماضي : الخميس 4:00 صباحا ..
أصبح مسافرنا الآن فوق جسد الطاغية النائم ويوجه المسدس إلى رأسه الصغير .. كان مترددا . إنها المرة الأولى التي سيقتل فيها إنسان آخر .. ولكنه سيقوم بذالك فهذا ليس إنسان .. هذا مجرم .
وفي لحظة تردده يدخل مطارده الملثم الأعرج حاملا الأنبوب معدني إلى الغرفة وينقض عليه محاولا ضربه بالأنبوب على رجله اليسرى فيستيقظ الشاب الذي سيصبح طاغية في المستقبل ويهم بالصراخ ولكن مزهرية يلقيها المسافر باتجاه الملثم الأعرج تصيب رأس الطاغية المستقبلي الصغير وتفقده الوعي .
بحركة سريعة يستغل الملثم الأعرج تلك الفرصة ويضرب المسافر على قدمه اليسرى بالأنبوب المعدني التي كان يحاول إصابتها مرارا .
فيقع المسافر أرضا من الألم وبردة فعل غير محسوبة يرفع المسدس باتجاه الملثم فيفتح الملثم ذراعيه ليحتضن الرصاصة الوحيدة في صدره .
حدث كل شيئ بسرعة .. وعم هدوء خانق الغرفة التي فيها شاب فاقد الوعي على السرير ,و رجل يمسك مسدس فارغ و جريح يمسك بأنبوب معدني يلفظ أنفاسه الأخيرة على الأرض .
وقف متثاقلا من الألم وتقدم من المطارد وهو يعرج .. ما يزال حيا ولكن الرصاصة أصابته في مقتل .. لم يتوقع حدوث هذا .. كيف عثر عليه المطارد الملثم وكيف عرف بما سيفعل ..
انحنى على جسده وكشف اللثام عنه .. وكان ذهوله كبيرا ..
فقد رأى نفسه .. إنه هو نفسه .. محمر العينين شاحب الوجه ولكنه وجهه . هذه الملامح التي يراها كل يوم في المرآة وهو يحلق ذقنه لا يمكن أن لا يميزها .
خرجت من شفتيه المرتجفتين من هول المفاجئة بضع كلمات : من أنت .. ؟
سعل الجريح الممدد على الأرض قليلا من الدم وقال بصوت خافت متقطع ..
- أنا هو أنت .. من المستقبل .. أتيت لأمنعك .. موت هذا الطاغية سيسبب مشاكل .. لا يجب تغيير المستقبل .. ما كان علي أن آتي إلى هنا منذ البداية .. ولكن علي الموت الآن لتكتمل القصة ..
خذ هذا الأنبوب المعدني معك .. ستحتاجه .. وضع الأنبوب المعدني في يد المسافر وارتسمت على وجهه ابتسامة غريبة ومات .
وقف المسافر مذهولا ممسكا بالمسدس ومستندا بالأنبوب المعدني كعكاز بينما تقدم نحوه من خلف الستارة ظل يتحرك ببطء وهدوء إلى أن باغته وقال : أنا هنا في مهمة لتسليم رسالة .. أنا لن أؤذيك .
- مـ .. من أنت .. إلتفت إليه رافعا فوهة كاتم الصوت باتجاه ذالك الظل : تقدم حتى أراك
- هل نسيت أن المسدس فارغ .. كانت لديك رصاصة واحدة فقط
تقدم الظل بضع خطوات لكي يظهر وجهه في ضوء القمر المنعكس في الغرفة ..
هذا غير معقول .. قال ذالك بعينين مشدوهتين : أنت أنا أيضا ..
- أنا أنت من الماضي .. جئت لكي أخبرك بحل للمشكلة التي أوقعت نفسك بها
فقد أخبرتني بالحل بنفسك ..
وقع المسافر مذهولا على الأريكة الموجودة في طرف الغرفة ولا يزال مصوبا فوهة المسدس الفارغ باتجاه نفسه الآخر وفي اليد الأخرى الأنبوب المعدني .بعد بضع لحظات من الصمت الصبور والتفكير العميق قال لنفسه الآخر
- لماذا أنت هنا . الآن لو عدت للمستقبل .. للمختبر لن يكون هناك مشكلة فالطاغية حي ولن يحدث تغير في التاريخ ..
- المشكلة ليست في التاريخ .. المشكلة فيك أنت . فأنت تنسى أنه عليك أن تعود هنا لتوفق نفسك وتموت في نفس البقعة ..
وإلا فإنك لن توقفك عن قتل هذا الطاغية ..
- ماذا .. لم أفهم .. إذا كان يتوجب علي الموت هنا فمن أنت ؟ من أي زمن أتيت أنت إذا لم تمت هنا .؟
- هذا ما أنا هنا لإخبارك به . أنا أنت من ماضيك ويتوجب عليك أن تسمعني جيدا .
تقدم منه وأخرج من جيبه حقنة فيها عقار شفاف ورفعها أمام عيني المسافر ..
لم يفهم المسافر شيئ وسأله : ما هذا ؟
- هذا عقار للنسيان .. أعطيته أنت لي عندما أيقظتني في الساعة السابعة صباحا من يوم الثلاثاء
عليك الآن السفر للمستقبل البعيد والبحث عن هذا العقار .. هو عقار سريع ينسيك أحداث الساعات الأخيرة قبل حقن نفسك به
هو متوفر بشكل عادي في المستقبل ولن يصعب عليك تأمينه .
ومن ثم عليك أن تسافر عودة إلى حاضرك ولكن قبل موعد استيقاظك من النوم ببضع ساعات .
يعني عليك الوصول في الساعة السابعة صباحا إلى غرفتك .
أيقظ نفسك وأخبره بكل شيئ وأعطه الحقنة التي ستأمنها من المستقبل ..
نعم .. هذه الحقنة نفسها .. وأسند إليه مهمة القدوم إلى هنا وإخبارك بما أقوله لك الآن .
الآن بعد أن أخبرتك بهذا علي أن أعود للفراش في قبيل أستيقاظي أي في الساعة الثامنة صباحا من يوم الثلاثاء ومن ثم سوف
أحقن نفسي بهذا العقار حتى أنسى كل شيئ لأستيقظ على صوت المنبه المزعج في الساعة التاسعة والنصف
وكأن شيئ لم يحدث .. وهذا ما سوف أفعله تماما عند عودتي ..أفضل أن لا أعرف بما سيحدث لي خلال هذه الساعات .
بعد أن توقظني وتشرح لي ما علي فعله و توكلني بهذه المهمة التي قمت بها للتو عليك بالعودة إلى هنا ومطاردة نفسك في الشارع والتعثر والقدوم إلى هنا ومصارعتك وأخيرا الموت على يديك .. كل شيئ في مكانه كما ترى .. حتى العرج في قدم الملثم أصبح في مكانه المناسب .
نظر المسافر الجالس على الأريكة إلى الأرض لبرهة .. ثم رفع رأسه وقال لنفسه الواقف أمامه مبتسما .
- لا ليس كل شيئ في مكانه ..كل شيئ في مكانه عدى هذا الأنبوب المعدني ..
إذا كنت أنا من أعطيته لنفسي .. فمن أين أتى ؟