موت..

دب الذعر ..
وتقلصت ساحة الإدراك و تصلبت قدماه كأنهما من حجر ..
صوت رصاص .. ومضات من إحساس لم يخبره من قبل .. ومالت الدنيا ومافيها وفقدت إتزانها
وسقط على الأرض مفترشا بساطا أحمر من دمه و هو يسمع صراخا وعويلا من البعد..
وكأنه قد سمع اسمه في تلك الجعجعة الخابية قبل أن تبتعد تاركتا إياه وحيدا في الظلام.

وغارت الأرض من تحته كما يغور الرمل في الساعة الرملية . وابتلعته الحفرة وبدأ يطفو في هواء ثقيل
وكأنه يغرق ببطئ في عمق أسود بلا نهاية وعيناه الفارغتان تحدقان بذاك النور البعيد الصاخب اللذي يناديه

الدم يغطي وجهه المتعب وجسده المثقب الهزيل ما زال يغوص ببطئ وكأنه يطوف في مستنقع لزج ..
مبتعدا عن الضوء .. عن الخوف .. عن نفسه .. مبتعدا عن كل شيئ..

ويصل إلى القعر ... ليحط كريشة على أكف زرقاء باردة تاركتا جسده الهزيل يطفو عن الأرض ...
ثلاث نساء بلون أزرق يلتحفن البياض بأياد شاحبة ووجوه متطاولة بلا ملامح اقتادت الغلام ببطئ وخشوع ..
وأثوابهن البيضاء ترفرف خلفهن بحركة بطيئة وعلى الخلفية أصوات نحيب وبكاء من آلاف الحناجر الجافة ..

كل ذالك كان بعيدا عنه .. بل هو كان بعيدا عن كل ما يجري .. لم يكن حاضرا حتى في ذاته ...
فقط عينان فارغتان مازالتا تحدقان باتجاه ذاك النور اللذي اختفى ...
فراغ ... برد ... ظلام ... مجرد لا شيئ .. وأصوات نحيب وبكاء في البعد من آلاف الحناجر الجافة ..
أ ُخذ بعيدا منفيا بلا عودة .. دونما ذكرى .. دونما حلم ..
أ ُخذ بعيدا عن الألم .. ومات .

ليست هناك تعليقات: