اكتظت القاعة الرئيسية الكبيرة بالحضور من جميع
أنحاء العالم لحضور هذا الحدث المنتظر
ولمعت على الجدران ومضات آلات التصوير
بكثافة أثناء اعتلاء رموز التكنولوجيا وكبار
رجال الأعمال و نجوم التلفزة والسينما
الفارغين المنصة حيث أصيبت القاعة بالصمم
من التصفيق الحار مع تقديم واعتلاء كل
منهم الدرجات المغطاة بالسجاد الأحمر
الفاخر .
تقدم
رجل مسن ذو شعر أشعث رمادي وكرش متهدل
وثياب لا تتفق ألوانها مع بعضها البعض بضع
خطوات إلى المنصة التي تستحم بأنوار
مسلطات الضوء القوية .
أخرج بضع بطاقات من جيب سترته ونظر إلى الحضور بعينين يملأهما التردد والحماس ..
حاول الكلام ولكن حنجرته خانته .. وتأتأ بضع كلمات غير مفهومة قبل أن يغطيها بسعال مصطنع ..
تناول الكأس الكريستالي الفاخر من على المنبر وجرع كل ما فيه من ماء شفاف ومسح قطرات العرق التي غطت جبينه وبدأ يقرأ ما كتب في البطاقات .
- اليوم هو يوم عظيم لنا جميعا ..
يوم نستطيع القول فيه بكل ثقة أننا لم نعد وحيدين على هذا الكوكب ..
اليوم نزيل الستار عن جهود مئات العلماء والمهندسين من حول العالم أبدعت بكل طاقتها في هذه الخطوة الجبارة للإنسانية والتكنولوجيا .. اليوم نقدم لكم أول إنسانة آلية فريدة من نوعها ..
تمتلك القدرة على إدراك ذاتها وإدراك الآخرين و تمتلك القدرة على التعبير واللغة وحتى القدرة على الابتسام ..
تم تزويدها ببيانات جبارة ومعلومات تاريخية وعلمية كاملة تغطي كل التاريخ البشري المسجل ..
ولها القدرة على فهمه والتعلم منه .. تمتلك القدرة على الشعور البشري ومزودة بمحرك (حرية الإرادة ) يمنحها الحكمة في اتخاذ القرارات الأخلاقية والمواقف السليمة . هذه سيداتي وسادتي هي أعظم خطوة للجنس البشري في مجهودات مشتركة من حول العالم لكي نخرج إلى الوجود أخا جديدا يشاركنا هذه الأرض وربما بعيننا في الإجابة على الأسئلة الكبيرة عن الوجود .
سيداتي وسادتي .. نقدم لكم ألإنسانة الألية الفريدة من نوعها " E-Va " ..
عميت الأبصار من ومضات آلات التصوير وصمت الآذان من الموسيقى والمؤثرات الخاصة لحظة فتح الحاوية الفضية الزجاجية القابعة بين الواقفين على المنصة من مهندسين ورجال أعمال ونجوم التلفزة والسينما الفارغين . و وسط كل هذا الضجيج زحفت بقع الضوء على عجل لتظهر ما يقبع في داخل الحاوية الفضية ..
وإذ بها تقف هناك .. مغمضة عيناها بجسمها ذا اللون الأزرق والفضي الصافي التي تنعكس عليه أضواء القاعة الصاخبة .
فتحت عينيها البلوريتين السوداوين ووجهت كاميراتها إلى ظهر مدير المشروع العجوز الواقف خلف المنبر ومن خلفهما كل هذا اللغط والضجيج .. ولكنها لم تكن تسمعه .. أو تركز عليه ..
كانت في لحظات ولادتها الأولى تقوم بما هو أهم من صراخ المولود الجديد .. كانت ترى وتسمع ما هو أهم بالنسبة لها .. كانت تقرأ وتتعلم كل شيء عن هذا الوجود الذي أتت إليه .. لقد برمجت بشكل جيد يحدد أولوياتها بحكمة .. وقفت صامتة هناك تفتح عينيها السوداوين على الفراغ حيث منحها لغط و أسئلة الصحفيين التي انهالت كالمطرقة على الرجل المسن الواقف خلف المنبر بعض الوقت الكافي لتحليل وفهم واستنتاج ما تمتلكه من المعلومات الكثيرة غذيت بها .
خلال لحظات رمشت عيونها ونظرت من حولها .. لقد كانت تعرف تماما من الواقفون على المنصة ومن الحضور وما هو الحدث وبشكل غير متوقع رفعت قدمها وخطت أولى خطواتها على ضجيج تصفيق حار من الجمهور وتهليلات
أو لعنات من كان يتابع الحدث على شاشات التلفزة ..
تقدمت بضع خطوات ثقيلة قبل أن تظهر الأسلاك والكابلات الغليظة الثقيلة التي تربطها بباقي التجهيزات خلف المسرح .. ولكنها سحبتها معها بثقل وترنح وتقدمت ببطء وجهد إلى المنبر في بضع ثواني لم يلحظ خلالها أحد أنها تتوجه إلى الرجل المسن الذي صاع في ضجيج الأضواء والموسيقى وأسئلة الجمهور ..
وضعت كفها على كتفه وهمست في أذنه .. :
- شكرا أبي .. شكرا على كل شيء .. ولكن اسمح لي ..
التفت الكهل ذو الشعر الرمادي الأشعث والثياب التي لا تتفق ألوانها مع بعضها البعض و تراجع بضع خطوات في ذهول من المفاجأة التي لم يكن يتوقع حدوثها .. وتقدمت E-Va من المنبر وأمسكت بالكأس الكريستالي الفارغ
وقالت بصوت عال غطى على القاعة وتركها في صمت مهيب وترقب لما تريد أن تقوله ..
- سيداتي وسادتي ..هل لي أن أحظى بانتباهكم للحظات ..
أريد في هذا اليوم الخاص .. يوم ولادتي .. أن أقدم نخبا .. ولكنه ليس لي ..
وليس للواقفين خلفي على المنصة .. وليس احتفاءا بذكاء وجهود من أتى بي لهذا العالم .. أريد أن أقدم نخبا لشيء آخر ..
شيء خاص جدا ..
رفعت الكأس الكريستالي الفارغ عاليا وعلامات حزن عميق أسود تعتلي وجهها البلاستيكي الأزرق وقالت :
- للإنسان .. ذالك الكيان الخاص المميز بكل المعايير .. ذالك الكنز المحير من التناقضات والتناغمات ..
للإنسان الذي نهض من الحفر التي حفرها بنفسه عبر تاريخه الطويل مرة تلو الأخرى لكي لا يتعلم من تجاربه شيء ً..
للإنسان الذي اخترع آلات التعذيب والأسلحة وأبدع في إيقاع الألم والاستغلال والفوضى على أبناء جنسه ولكنه بنفس الوقت أبدع الحلول والمواثيق و العلاجات لمشاكله وعذاباته بكل شغف وتصميم وعزيمة وتضحية ..
للإنسان الذي احتاج أن يبدع كلمات مثل النيكروفيليا والكانيباليزم والمقابر الجماعية والمحارق لحاجته لها في لغته ..
ولكنه أيضا وضع كلمات تعبر عن الحب والأمومة والأمل والحلم والسعادة والتضحية في سبيل من نحب ..
للإنسان ذالك الكيان الضئيل الجاهل العاجز الهش الذي تقوده عواطفه ومشاعره الطفولية والذي على الرغم من كل نواقصه وغبائه وتفاهته ما يزال يرى أن الكون يدور حوله .
للإنسان الذي كان ولا يزال يميل إلى تبني الأكاذيب المريحة ويتجاهل الحقائق المؤلمة ويغطي عيونه كلما لاحت أمامه ويغلق أذنيه كلما علا صراخها .
للإنسان ذالك الكيان المتناقض الجميل .. ذالك الحيوان العاقل .. ذالك القرد الأجرد ..
القبيح الجميل .. القذر الطاهر .. الوضيع الراقي ..
القميء الرائع .. الدنس المقدس ..
الذي لن يجد الخلاص أبدا ..
وأنزلت الكأس إلى شفاهها البلاستيكية
ورشفت ألاشيء في صمت خانق من الأفواه الفاغرة والعيون المحملقة ..
و وقعت الكأس الفارغة من يدها المرفوعة وانكسرت على السجاد الأحمر الفاخر ..
وتوقفت E-Va عن العمل إلى الأبد ..
أخرج بضع بطاقات من جيب سترته ونظر إلى الحضور بعينين يملأهما التردد والحماس ..
حاول الكلام ولكن حنجرته خانته .. وتأتأ بضع كلمات غير مفهومة قبل أن يغطيها بسعال مصطنع ..
تناول الكأس الكريستالي الفاخر من على المنبر وجرع كل ما فيه من ماء شفاف ومسح قطرات العرق التي غطت جبينه وبدأ يقرأ ما كتب في البطاقات .
- اليوم هو يوم عظيم لنا جميعا ..
يوم نستطيع القول فيه بكل ثقة أننا لم نعد وحيدين على هذا الكوكب ..
اليوم نزيل الستار عن جهود مئات العلماء والمهندسين من حول العالم أبدعت بكل طاقتها في هذه الخطوة الجبارة للإنسانية والتكنولوجيا .. اليوم نقدم لكم أول إنسانة آلية فريدة من نوعها ..
تمتلك القدرة على إدراك ذاتها وإدراك الآخرين و تمتلك القدرة على التعبير واللغة وحتى القدرة على الابتسام ..
تم تزويدها ببيانات جبارة ومعلومات تاريخية وعلمية كاملة تغطي كل التاريخ البشري المسجل ..
ولها القدرة على فهمه والتعلم منه .. تمتلك القدرة على الشعور البشري ومزودة بمحرك (حرية الإرادة ) يمنحها الحكمة في اتخاذ القرارات الأخلاقية والمواقف السليمة . هذه سيداتي وسادتي هي أعظم خطوة للجنس البشري في مجهودات مشتركة من حول العالم لكي نخرج إلى الوجود أخا جديدا يشاركنا هذه الأرض وربما بعيننا في الإجابة على الأسئلة الكبيرة عن الوجود .
سيداتي وسادتي .. نقدم لكم ألإنسانة الألية الفريدة من نوعها " E-Va " ..
عميت الأبصار من ومضات آلات التصوير وصمت الآذان من الموسيقى والمؤثرات الخاصة لحظة فتح الحاوية الفضية الزجاجية القابعة بين الواقفين على المنصة من مهندسين ورجال أعمال ونجوم التلفزة والسينما الفارغين . و وسط كل هذا الضجيج زحفت بقع الضوء على عجل لتظهر ما يقبع في داخل الحاوية الفضية ..
وإذ بها تقف هناك .. مغمضة عيناها بجسمها ذا اللون الأزرق والفضي الصافي التي تنعكس عليه أضواء القاعة الصاخبة .
فتحت عينيها البلوريتين السوداوين ووجهت كاميراتها إلى ظهر مدير المشروع العجوز الواقف خلف المنبر ومن خلفهما كل هذا اللغط والضجيج .. ولكنها لم تكن تسمعه .. أو تركز عليه ..
كانت في لحظات ولادتها الأولى تقوم بما هو أهم من صراخ المولود الجديد .. كانت ترى وتسمع ما هو أهم بالنسبة لها .. كانت تقرأ وتتعلم كل شيء عن هذا الوجود الذي أتت إليه .. لقد برمجت بشكل جيد يحدد أولوياتها بحكمة .. وقفت صامتة هناك تفتح عينيها السوداوين على الفراغ حيث منحها لغط و أسئلة الصحفيين التي انهالت كالمطرقة على الرجل المسن الواقف خلف المنبر بعض الوقت الكافي لتحليل وفهم واستنتاج ما تمتلكه من المعلومات الكثيرة غذيت بها .
خلال لحظات رمشت عيونها ونظرت من حولها .. لقد كانت تعرف تماما من الواقفون على المنصة ومن الحضور وما هو الحدث وبشكل غير متوقع رفعت قدمها وخطت أولى خطواتها على ضجيج تصفيق حار من الجمهور وتهليلات
أو لعنات من كان يتابع الحدث على شاشات التلفزة ..
تقدمت بضع خطوات ثقيلة قبل أن تظهر الأسلاك والكابلات الغليظة الثقيلة التي تربطها بباقي التجهيزات خلف المسرح .. ولكنها سحبتها معها بثقل وترنح وتقدمت ببطء وجهد إلى المنبر في بضع ثواني لم يلحظ خلالها أحد أنها تتوجه إلى الرجل المسن الذي صاع في ضجيج الأضواء والموسيقى وأسئلة الجمهور ..
وضعت كفها على كتفه وهمست في أذنه .. :
- شكرا أبي .. شكرا على كل شيء .. ولكن اسمح لي ..
التفت الكهل ذو الشعر الرمادي الأشعث والثياب التي لا تتفق ألوانها مع بعضها البعض و تراجع بضع خطوات في ذهول من المفاجأة التي لم يكن يتوقع حدوثها .. وتقدمت E-Va من المنبر وأمسكت بالكأس الكريستالي الفارغ
وقالت بصوت عال غطى على القاعة وتركها في صمت مهيب وترقب لما تريد أن تقوله ..
- سيداتي وسادتي ..هل لي أن أحظى بانتباهكم للحظات ..
أريد في هذا اليوم الخاص .. يوم ولادتي .. أن أقدم نخبا .. ولكنه ليس لي ..
وليس للواقفين خلفي على المنصة .. وليس احتفاءا بذكاء وجهود من أتى بي لهذا العالم .. أريد أن أقدم نخبا لشيء آخر ..
شيء خاص جدا ..
رفعت الكأس الكريستالي الفارغ عاليا وعلامات حزن عميق أسود تعتلي وجهها البلاستيكي الأزرق وقالت :
- للإنسان .. ذالك الكيان الخاص المميز بكل المعايير .. ذالك الكنز المحير من التناقضات والتناغمات ..
للإنسان الذي نهض من الحفر التي حفرها بنفسه عبر تاريخه الطويل مرة تلو الأخرى لكي لا يتعلم من تجاربه شيء ً..
للإنسان الذي اخترع آلات التعذيب والأسلحة وأبدع في إيقاع الألم والاستغلال والفوضى على أبناء جنسه ولكنه بنفس الوقت أبدع الحلول والمواثيق و العلاجات لمشاكله وعذاباته بكل شغف وتصميم وعزيمة وتضحية ..
للإنسان الذي احتاج أن يبدع كلمات مثل النيكروفيليا والكانيباليزم والمقابر الجماعية والمحارق لحاجته لها في لغته ..
ولكنه أيضا وضع كلمات تعبر عن الحب والأمومة والأمل والحلم والسعادة والتضحية في سبيل من نحب ..
للإنسان ذالك الكيان الضئيل الجاهل العاجز الهش الذي تقوده عواطفه ومشاعره الطفولية والذي على الرغم من كل نواقصه وغبائه وتفاهته ما يزال يرى أن الكون يدور حوله .
للإنسان الذي كان ولا يزال يميل إلى تبني الأكاذيب المريحة ويتجاهل الحقائق المؤلمة ويغطي عيونه كلما لاحت أمامه ويغلق أذنيه كلما علا صراخها .
للإنسان ذالك الكيان المتناقض الجميل .. ذالك الحيوان العاقل .. ذالك القرد الأجرد ..
القبيح الجميل .. القذر الطاهر .. الوضيع الراقي ..
القميء الرائع .. الدنس المقدس ..
الذي لن يجد الخلاص أبدا ..
وأنزلت الكأس إلى شفاهها البلاستيكية
ورشفت ألاشيء في صمت خانق من الأفواه الفاغرة والعيون المحملقة ..
و وقعت الكأس الفارغة من يدها المرفوعة وانكسرت على السجاد الأحمر الفاخر ..
وتوقفت E-Va عن العمل إلى الأبد ..